بسم الله الرحمن الرحيم
الفيروس المضخم للخلايا هو واحد من 8 فيروسات للهربس تسبب العدوى للإنسان, ومن ناحية التصنيف فهو يوضع ضمن مجموعة فيروس الهربس بطيئة التكاثر Betaherpesvirinae, وذلك على أساس انه لديه نزوع وميل لإصابة خلايا الدم البيضاء وحيدة النواة mononuclear cells, والخلايا اللمفاوية lymphocytes ولعلاقته بالتطور الجزيئي لفيروسات الهربس الأخرى, وهو أكبر عضو في عائلة الهربس, وهو ثنائي شريط الحامض النووي double-stranded DNA المكون للمنظومة الوراثية, وهو قادر على تشفير أكثر من 200 بروتين, ووظيفة هذه البروتينات مازالت غير معروفة, ومثل بقية فيروسات الهربس فإن بنية جزيء الفيروس هو محفظة عشرينية الوجوه icosahedral capsid محاط بغلاف خارجي من طبقة دهنية مزدوجة. وفهم تنسخ وتكرار الفيروس viral replication يعطى تبصر وفهم عميق للآلية الجزيئية لعلاج الفيروسات والمناعة الوقائية.
والفيروس المضخم للخلايا يتكرر (أو يتكاثر) ببطء جدا في مزرعة الخلايا وهذا يعكس نمط نموه البطيء داخل الجسم (على خلاف عدوى العقبول البسيط herpes simplex virus [HSV] infection التي تتقدم بسرعة), ودورة التكرار يمكن تقسيمها إلى 3 أصناف منظمة وهي: مبكر فوري immediate early, ومبكر early, ومتأخر late.
والتكرار الفوري المبكر للعامل الوراثي يحدث في الساعات الأربع الأولى بعد حدوث العدوى الفيروسية عند ما تكون البروتينات التنظيمية الرئيسية التي تسمح للفيروس بالسيطرة على آليات الخلية معدة, وتعتبر التطبيقات الناشئة عن حدوث ذلك في الطبيعة مصدر تطبيقات في التقنية الحيوية الحديثة في مجال العلاج بالجينات ودراسة اللقاحات, بعد ذلك يأتي تكرار العوامل الوراثية الناتجة والتي تشمل تكرار الحامض النووي وبعض البروتينات البنائية, وهذه البروتينات هي البروتينات الرئيسية البنائية والتي يشتمل عليها في تجميع وخروج الفيروس المعدي, وفى الأخير تأتى العوامل الوراثية المتأخرة بعد 24 ساعة تقريبا من العدوى, وتجميع هذه العوامل الوراثية يعتمد بدرجة كبيرة على تكرار الحامض النووي للفيروس والذي يمكن تعطيله بمثبطات إنزيم بلمرة الحامض النووي مثل مستحضر جانسيكلوفير ganciclovir, أما الطبقة مزدوجة الدهون والتي تغلف الفيروس من الخارج فتحتوى على البروتينات السكرية المشفرة بالفيروس والتي تكون المستهدفات الرئيسية لاستجابات معادلتها بالأجسام المضادة. وهذه البروتينات السكرية لها اعتبار عند مصممي الطعوم, والطبقة البروتينية الواقعة بين الغلاف الخارجي والمحفظة الداخلية تشتمل على بروتين والذي يكون هدف للاستجابات المناعية لخلية العائل, وفى العينات السريرية فإن وجود خلايا بها أجسام ضمنية هي علامة مميزة لعدوى الفيروس المضخم للخلايا ومنها تستمد تسميته والتي لها مظهر "عيون البومة owl's eyes" ووجود هذه الخلايا يشير إلى وجود عدوى بالرغم من أنها قد تكون غائبة حتى بالأنسجة التي بها عدوى نشطة, وتصيب العدوى خلايا الأنسجة الطلائية epithelial cells بالجسم بشكل أساسي, وفى العدوى الشديدة المنتشرة بالجسم فإن شمول العدوى يمكن ملاحظته بمعظم أعضاء الجسم.
صورة فحص مجهري لعينة من الرئتين تبين الأجسام الضمنية بالخلية المصابة بالفيروس المضخم للخلية و التي تشبه أعين البومة
والقليل معروف عن الآليات الجزيئية المسئولة عن تحطم النسيج الذي يسببه الفيروس المضخم للخلايا وخاصة بالنسبة للعدوى الخلقية congenital CMV infection, وبالرغم من أن الجهاز العصبي المركزي يكون هو العضو الرئيسي كهدف لتحطم الأنسجة في الجنين أثناء نموه يكون عمل مزرعة للسائل النخاعي الشوكي للجنين الذي لديه أعراض صعب جدا, والمناعة ضد الفيروس المضخم للخلايا معقدة وتشمل استجابات خلطيه, ومتواسطة بالخلايا cell-mediated responses, ومنتجات متعددة للعوامل الوراثية للفيروس المضخم للخلايا لها أهمية خاصة في المناعة ضد الفيروس, فالغلاف الخارجي للفيروس والذي يستمد من غشاء نواة خلية العائل يحتوى على بروتينات سكرية متعددة يشفرها الفيروس والبروتينات السكرية من النوع (ب) والنوع (هاء) يبدو أنها هي المحدد الرئيسي للمناعة الخلطية الوقائية, فالأجسام المضادة لهذه البروتينات تكون قادرة على معادلة الفيروس, وهى هدف لأبحاث لقاحات الفيروس المضخم للخلايا, وبالرغم من أن الاستجابات الخلطية لها أهمية في السيطرة على حالات المرض الشديدة إلا أنها تكون غير كافية لمنع العدوى عبر المشيمة, والتي قد تحدث حتى عند سيدات تكون أمصالهم إيجابية للفيروس. وتولد خلايا سامة cytotoxic T-cell ضد الفيروس من الممكن أن تكون أهم استجابة مناعية للعائل للسيطرة على العدوى.
والأبحاث الحديثة لعلم الأحياء الجزيئي للفيروس كشفت عن وجود منتجات عديدة للعوامل الوراثية للفيروس والتي تحور الاستجابات الالتهابية والمناعية للعائل, وعوامل وراثية متعددة للفيروس تتداخل مع معالجة المستضد الطبيعية, وتولد التفاعلات المناعية بواسطة الخلايا, وحتى الآن تم تحديد 3 منتجات لعوامل وراثية للفيروس والتي تثبط توافق الأنسجة الرئيسي من الدرجة الأولى, ومنتجات أخرى للعوامل الوراثية للفيروس تخرب التفاعل الالتهابي الطبيعي وتروج لانتشار الفيروس وتتداخل مع الاستجابة المناعية للعائل, وتساعد الفيروس على الهروب من تصفية النظام المناعي له, وعوامل أخرى تتداخل مع استجابة الخلايا المناعية, والفهم الجيد لأثر مراوغة العوامل الوراثية للفيروس في تطوير مناعة واقية لعدوى الفيروس المضخم للخلايا ينبغي أن تمكن من تحسين تصميم اللقاحات.